السبت، 21 يناير 2012

عصى بايدن والتأثيرات الخارجية على القرار السياسي العراقي

بقلم /قاسم السعيدي

qassim2022@yahoo.com

حل أخيرا عراب تقسيم العراق المشؤوم جو بايدن ضيفا ثقيل الدم على بغداد الذي دخلها كعادة المسؤولين الأمريكان من الأبواب الخلفية للمطارات والقواعد العسكرية حاملا بإحدى يديه حقيبته السوداء التي يخفي بداخلها مشاريع الأجندات الخبيثة التي يريد من خلالها بايدن تسميم العملية السياسية. فيما حمل بايدن بيده الأخرى عصى الضغوطات والاملاءات للضرب فيها على رؤوس السياسيين إذا ما حاولوا مقاومة أجنداته التي أصبحت معالمها أكثر وضوحا من ذي قبل وتركزت خطوطها العريضة على الأتي. اولا- تفكيك التحالف الوطني وتهميشه على اقل تقدير من خلال إبعاد بعض القوى المؤثرة فيه خصوصا التيار الصدري عن تشكيلة الحكومة. ثانيا- ممارسة ضغوطات هائلة على كتلتي العراقية والقانون وفرض شراكة بينهما لتقاسم السلطة وهذا ما كان يروج له الإعلام الأمريكي على مدار الأيام الماضية على انه الخيار المفضل بالنسبة لواشنطن. ثالثا- إثارة الفتنة والتناحر بين القوى السياسية ودفعها للتصادم فيما بينها واستغلال التداعيات السلبية لذلك الأمر لخلق المبررات لإدامة أمد الوجود الأمريكي في العراق من خلال تمديد الاتفاقية الأمنية أو تغيير مواعيد جداول الانسحاب المزعوم. وبالتالي فأننا لا نعتقد إن تلك الزيارة ستخرج عن هذا الإطار لا بل من المؤكد أنها تحمل في طياتها ملامح تشكيل حكومة وفق مقاسات ورؤية أمريكية. ومن جانب آخر كشفت تلك الزيارة وما تحمله من أجندات كشفت بوضوح عن حجم التدخل الأمريكي بالشأن السياسي العراقي وتحكمها فيه وهذا ليس بالأمر الغريب لأنه حدث مرارا وتكرارا في مناسبات عدة. لكن الغريب والمؤسف حقا هو ان احد السياسيين يطلب منا عدم الاستغراب من تلك التدخلات السافرة ويوصم بالوهم كل من يرفض تصديق ذلك حيث يقول ما نصه "واهم كل من يتصور ان القرار السياسي العراقي لا يخضع للتأثيرات الخارجية". ان ما يقوله هذا الرجل يدفعنا للتساؤل عن جدوى إجراء الانتخابات وإنفاق ملايين الدولارات على تنظيمها ما دامت التأثيرات الخارجية هي من تقرر في النهاية من يكون في تشكيلة الحكومة ومن يكون خارجها وليس ما تفرزه صناديق الاقتراع من نتائج. وهذا يدفعنا لإثارة تساؤلات عديدة أخرى عن حقيقة السيادة التي يتمتع بها بلدنا ومن المسؤول عن رهن قراره السياسي بيد التأثيرات الخارجية وهنا نتساءل عن ازدواجية البعض ممن أقام الدنيا ولم يقعدها حينما قامت بعض المكونات السياسية بجولة في عدد من دول الجوار العراقي عقب إعلان نتائج الانتخابات وكيف اتهم هؤلاء إحدى دول الجوار بالسعي لفرض أرادتها والتأثير في تشكيل الحكومة لكن للأسف من رفض بالأمس تدخلات الجوار يقوم اليوم بفتح الباب على مصراعيه أمام تدخلات وتأثيرات القادمين من وراء المحيطات. ونفس هؤلاء من توعد منافسيه بعصا بإيدن الذي توسلوا أليه طويلا كي يساعدهم في تحقيق مبتغاهم وهو ما جاء من اجله بايدن اليوم وبالتالي نرى إن ليس من اللائق اخلاقيا ان ينهي المرء عن خلق ويأتي بمثله، وليس من العراقية بشيء إن يستقوي البعض بالتأثيرات الخارجية. ما نريد إن نقوله أخيرا هو ان الحل لا يكمن في ما تحمله حقيبة بايدن من سيناريوهات وأجندات شريرة لان ذلك لابد إن يأتي من داخل أسوار البيت العراقي حصرا وان طال الجدل او اشتد الصراع والتنافس بين أركان ذلك البيت ولا بد ان يكون قرار تشكيل الحكومة عراقيا بامتياز ومستقلا عن تأثيرات الخارج أو رغبات الاحتلال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق